كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وروى مسلم عن عروة بن الزبير قال قالت عائشة يا ابن أختي أمروا أن يستغفروا لأصحاب رسول اللّه فسبوهم وأخرج الترمذي عن عبد اللّه بن معقل قال سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول «اللّه اللّه في أصحابي، لا تتّخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللّه، ومن آذى اللّه فيوشك أن يأخذه فيطرحه في جهنم».
قال تعالى: {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} الآية 103 من سورة هود فعلى العاقل أن لا يذكر أصحاب الرّسول إلّا بخير، ولا ينتقدهم، ولا يقبح رأيهم، ولا يعيبهم بشيء أبدا.
وقال جابر قيل لعائشة إن أناسا يتناولون أصحاب رسول اللّه حتى أبا بكر وعمر، فقالت وما تعجبون من هذا؟ انقطع عنهم العمل وأحب اللّه أن لا ينقطع عنهم الأجر.
أي أن اللّه تعالى يثيبهم بسبب غيبتهم، وقد يأخذ من حسنات مغتابيهم فيضعها إليهم، ويأخذ من سيئاتهم فيطرحها على المغتابين وهم لا سيئات لهم إلّا أنه قد يقع منهم مما هو خلاف الأولى فيحسب عليهم سيئة بالنسبة لمقامهم الرّفيع.
وقال مالك بن أنس من انتقص أحدا من أصحاب رسول اللّه أو كان في قلبه غل عليهم فليس له حق في فيء المسلمين، ثم تلا هذه الآية.
وسمع ابن عباس رجلا ينال من أصحاب رسول اللّه فقال له من المهاجرين الأولين أنت؟ قال لا، قال فمن الأنصار أنت؟ قال لا، قال فأنا أشهد بأنك لست من التابعين لهم بإحسان.
وقال مالك بن مغول وفي نسخة بن مفعول، قال قال الشّعبي يا مالك تفاضلت اليهود والنّصارى على الرّافضة بخصلة، سئلت اليهود من خير أهل ملتكم قالوا أصحاب موسى، وسئلت النّصارى من خير أهل ملتكم قالوا حواري عيسى، وسئلت الرّافضة من شر أهل ملتكم فقالوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أمروا أن يستغفروا لهم فسبوهم والسّيف مسلول عليهم إلى يوم القيامة لا تقوم لهم راية ولا يثبت لهم قدم ولا تجتمع لهم كلمة، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها اللّه بسفك دمائهم وتفريق شملهم وإدحاض حجتهم، أعاذنا اللّه من الأهواء المضلّة.
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا} فدسّوا على بني النّضير وتعهدوا لهم بالمعونة والنّصرة على الرّسول وأصحابه كما مر أول السّورة {يَقولونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا} بخذلانكم وعدم القتال معكم ولنكونن معكم {أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} (11) في وعدهم هذا وعهدهم لهم.
ثم أقسم جل قسمه على عدم قيامهم بذلك فقال: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ} على الفرض والتقدير {لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ} عنهم منهزمين إلى الوراء {ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (12) البتة لأن الخذلان مقدر عليهم {لَأَنْتُمْ} أيها المؤمنون {أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ} أي أن بني النّضير يخافونكم أكثر من خوفهم من اللّه لقلة يقينهم {ذلِكَ} إيقاع الرّعب منكم في قلوبهم دون ربكم {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} (13) عظمة اللّه ولو علموها لخافوا اللّه أكثر منكم.
واعلموا أنهم {لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا} أي اليهود والمنافقون {إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ} لشدة جبنهم وخوفهم منكم، فلا يبرزون إلى ميدان القتال ولا يقدرون على مقابلتكم فيه ولكنهم إذا قاتلوا بعضهم يكون {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} لسوء طويتهم وشدة حقدهم بعضهم على بعض ولكن إذا قاتلوكم جبنوا وألقي في قلوبهم الرّعب منكم لما أوقع اللّه في قلوبهم من هيبتكم {تَحْسَبُهُمْ} أيها الرّائي عند ما تراهم {جَمِيعًا} متحدين مؤتلفين كلا بل هم متفرقون متنافرون {وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} متفرقة يبغضون بعضهم ويتحاسدون على القليل والكثير، وهذه الواو للمحال أي والحال على خلاف ما ترونهم وتظنون بهم {ذلِكَ} اجتماعهم في الأجسام وتفرقهم في القلوب وشدة بأسهم على بعضهم {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} (14) أوامر اللّه ونواهيه فيبهتون ويتحيرون ولو عقلوا لما كان هذا شأنهم، مثلهم يا سيد الرّسل {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أهل مكة ومن حذا حذوهم {قَرِيبًا ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ} في حادثة بدر وهذا عذابهم في الدّنيا {وَلَهُمْ} في الآخرة {عَذابٌ أَلِيمٌ} (15) لا تقواه قواهم ومثل المنافقين الّذين وعدوهم بالمعونة وتعهدوا لهم بالنصرة ثم خذلوهم {كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قال لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قال إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ} (16) من عاقبة الكفر الوخيمة ولهذا {فَكانَ عاقِبَتَهُما} أي الشّيطان المغوي للإنسان والإنسان التابع لإغوائه {أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ} (17) أنفسهم باتباع أهوائهم وشياطينهم، وبئس الجزاء.
مطلب قصة برصيصا الرّاهب وكفره وجريج الرّاهب وبراءته، وتسبب العلماء لإهانة أنفسهم:
هذا والمراد بهذا الإنسان على ما رواه عطاء وغيره عن ابن عباس قال كان راهب في الفترة اسمه برصيصا، عبد اللّه في صومعته سبعين سنه لم يعص اللّه طرفة عين فجمع إبليس مردته وقال لهم أيكم يكفيني أمره؟ فقال الأبيض وهو صاحب الأنبياء أنا أكفيكه فذهب إليه وناداه فلم يجبه لانشغاله في صلاته، فقام الملعون يصلي أيضا، فلما انفتل برصيصا من صلاته رأى رجلا على هيئة الرّهبان يصلي فلام نفسه وقال له إنك ناديتني وأنا مشغول بصلاتي فما حاجتك؟ قال جئت أتأدب بأدبك وأتعبد معك فتدعو لي وأدعو لك، قال له إني لفي شغل عنك، وأقبل على صلاته وأقبل الخبيث على الصّلاة أيضا وبقي أربعين يوما معه لم يلتفت إليه، ثم قال له برصيصا ما حاجتك معي؟ قال تجعلني معك في صومعتك فجعله لما رأى من عبادته وأقام معه سنة لا ينظر إليه إلّا في كلّ أربعين يوما مرّة، ثم أعجب برصيصا حاله فقال الأبيض لبرصيصا كان بلغنا عنك غير الذي رأيت منك، وإن لي صاحبا هو أشد اجتهادا منك، وإني منطلق إليه، وسأعلمك كلمات يشفي اللّه بهن السّقيم، فعله وتركه، وقد عرف الخبيث أنه لا يمكن إغواؤه إلّا من قبل النّساء لأنهن من أوثق الخدع لصيد الأتقياء، ثم ذهب فتعرض لرجل وقال لأهله إن به جنونا انطلقوا به إلى برصيصا، فأخذوه إليه فدعا إليه بتلك الكلمات فبرئ من ساعته، وصار الخبيث يتعرض للناس ويرشد أهليهم لمراجعة برصيصا حتى تعرض لبنت الملك وقال لأهلها لا يبرئها إلّا برصيصا، اذهبوا بها إليه واتركوها عنده، فإذا عوفيت فردوها، فأخذوها إليه فبرئت، فأرادوا إبقاءها عنده لئلا يعود إليها الجنون، فلم يفعل، فجاءهم الخبيث وقال لهم ابنوا لها صومعة بجانب صومعته وضعوها فيها وقولوا له هذه أمانتك واجعلوها تشرف عليه حتى إذا عاد عليها ما بها دعا لها فتبرا، ففعلوا وتركوها فصار كلما انفتل في صومعته رآها فوقع في قلبه حبّها لما هي عليه من الجمال، فوجد الخبيث فرصة وصار يتعرض لها الفينة بعد الفينة وبرصيصا يدعو لها فتبرأ، ثم وسوس له أن يواقعها ويتوب، فلم يزل به حتى واقعها، فحبلت فقال له الشّيطان ويحك انفضحت اقتلها وتب، وقل لأهلها ذهب بها شيطانها، ففعل ودفنها ورجع إلى صلاته، فجاء إخوتها فسألوه عنها فقال لهم ذلك، فرجعوا فجاءهم الشّيطان بالمنام وأخبرهم بالقضية فلم يكترثوا، فوالى عليهم مجيئه، فانطلقوا فرأوا الأمر كما رأوا، فأنزلوا برصيصا من صومعته مكتفا وهدموا صومعته وعلقوه فجاء الخبيث وقال أنا الذي علّمتك الكلمات اسجد لي وأخلصك، فسجد له بطرفه فقال له كفرت بربك إني بريء منك، إني لست مستحقا للسجود، إني أخاف اللّه من أن أشرك أحدا في عبادته.
قالوا ومنذ ذلك اليوم طمع أهل الفسق بالرهبان والأحبار ورموهم بالبهتان حتى كان من أمر جريج الرّاهب ما كان فبرأه اللّه تعالى.
وخلاصة قصته أن أمه نادته وهو في صلاته فلم يرد عليها، فجاءته من الغد ونادته فلم يرد عليها فقالت اللّهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكانت بنو إسرائيل تعجب من عبادته فقالت لهم الباغية إن شئتم فتنته لكم، قالوا نعم، وهذا من جملة حسدهم، قاتلهم اللّه، فبدل أن يعملوا عمله ويتبركوا بأمثاله أرادوا ردّه عن هداه ليس إلّا حسدا أخزاهم اللّه، فذهبت تلك المومسة ومكنت من نفسها راعيا فحملت منه، فلما ولدت قالت هو من جريح، فأنزلوه من صومعته وهدموها. وصاروا يضربونه ويعنفونه ويقولون له زنيت! وأرادوا رجمه، فقال لهم أمهلوني أصلي وافعلوا بي ما شئتم فأمهلوه، فصلى وانفتل إلى الغلام، فقال له من أبوك؟ قال الراعي، فأقبلوا عليه يعتذرون منه ويستسمحونه وأعادوا له صومعته كما كانت.
ولهذا حتى الآن والنّاس يسيئون الظّنّ بعلمائهم والحق معهم، لأن العلماء الآن لا يتورعون عن مخالطة الفسقة من ولاة الأمور وغيرهم، بل صاروا يتنافسون بصحبتهم، وأمثال هؤلاء لا يتسمّون علماء حقيقة لأن العالم من يخشى اللّه فلا ينافق ولا يداهن، ولهذا فإنه قد يقع من أناس متصفين بهيئة العلماء ما لم يقع من أفسق الفاسقين، فيكثر القول في العلماء العاملين تبعا للضالين من غير تفريق.
فلو أن أهل العلم صانوه صانهم من رمي أمثال هؤلاء ولو عظموه فلم يبذلوا أنفسهم لأهل الدنيا لعظمهم في أعينهم، ولكنهم لم يفعلوا ففعل بهم ما أهانهم، فلا حول ولا قوة إلّا باللّه، راجع الآية 23 من سورة إبراهيم المارة، والآية 50 من سورة الأنفال المارة فيما يتعلق بكيد الشّيطان مع البشر والآية 29 من سورة يوسف فيما يتعلق بمن نطق بالمهد.
روى أبو هريرة عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «لم يتكلم في المهد إلّا ثلاثة عيسى بن مريم وصاحب جريج والرّضيع الذي قالت له أمه اللّهم اجعله مثل هذا».
تريد رجلا أعجبها هيئته فترك ثديها وقال اللّهم لا تجعلني مثله.
في حديث طويل أخرجه مسلم بتمامه والبخاري مفرقا ولم بعد شاهد يوسف في هذا الحديث لاختلاف العلماء فيه كما بيناه في الآية المذكورة من سورته بصورة مفصلة فراجعها.
قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} في أداء ما أوجبه عليكم والتجافي عما نهاكم عنه قبل حلول يوم القيامة لأن الدّنيا يوم وغدها الآخرة فتزودوا من الأعمال الصالحة إليه فينبغي للعاقل أن ينظر ما يقدم لغده من أيّام الدّنيا إن كان خيرا زاد منه، وإن كان غير ذلك أقلع عنه، لأن الدّنيا مزرعة الآخرة وإن كل إنسان يحصد ما يزرعه من حلال وحرام فينال خيره وشره، لا يعزب عن علم اللّه منه شيء {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} (18) في هذه الدّنيا سرا وعلانية وما تدخرونه لآخرتكم {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ} فلم يذكروه في الرخاء والسّرّاء {فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ} ولم يوفقهم لعمل الخير ولم ينظر إليهم حال الشّدة والضّراء، قال صلى الله عليه وسلم تعرّفوا إلى اللّه بالرخاء يعرفكم بالشدة {أُولئِكَ} الناسون ربهم {هُمُ الْفاسِقُونَ} (19) الخارجون عن طاعته {لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ} الغافلون عن اللّه الجاحدون رسله وكتبه واليوم الآخر {وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ} المصدقون بذلك كله المديمون ذكر اللّه {أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ} (20) برضاء اللّه ونعيم الآخرة والشّرف برؤية ربهم وأصحاب النّار الخاسرون الدّنيا والآخرة المحرومون من نعيم الجنّة المعذبون فيها {لَوْ أَنْزَلْنا هذَا القرآن عَلى جَبَلٍ} وجعلنا فيه التمييز كما جعلناه فيكم أيها النّاس {لَرَأَيْتَهُ خاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} فيجدر بكم أيها المؤمنون أن تخشعوا وتخضعوا لتلاوته وأوامره.
راجع الآية 142 من الأعراف وانظر كيف دك الجبل بمجرد تجلي اللّه تعالى عليه مع أنه لا يعقل ولكن اللّه تعالى يضع فيه العقل إذا شاء حتى انه إذا أنزل عليه كلامه خشع وتصدع وهذا مثل ضربه اللّه لكم أيها النّاس لتعتبروا لأنكم أنتم الّذين يجدر بكم أن يصدر منكم ذلك {وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (21) فيها فيعتبرون ويتعظون، تشير هذه إلى قساوة قلوب النّاس وفيها تهديد لهم، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} الآية 12 من سورة الزمر ج 2 وبعد أن بين اللّه عظمة كتابه ذكر بعض عظمة أسمائه فقال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ} (22) الذي أنزل عليكم كتابه رحمة بكم وأرسل إليكم رسله نعمة لكم فقدروا رحمته واشكروا نعمته ليتفضل عليكم بجنته واعلم أن الغيب كلّ ما غاب عن الخلق فكل ما لا يعملونه هو عالم به كالمشاهد له لا فرق عنده بين الغائب والحاضر إذ لا يعزب عن علمه شيء ولا غيب عليه والغيب بالنسبة لنا، أما هو جل شأنه فالغيب والشّهادة عنده سواء {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ} المتصرف بالأمور خفيها وجليها {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} الطاهر المنزه عن سمات خلقه المبرأ من كلّ عيب ونقص في الماضي والحال والمستقبل {السلام} الذي لا يطرأ عليه شيء مما يطرأ على خلقه من الحوادث سابقا وآنا ولاحقا وهو اسم مبالغة المسالم {الْمُؤْمِنُ} خلقه المؤمنين من عذابه وغير المؤمنين من ظلمه {الْمُهَيْمِنُ} الرقيب الشّهيد القائم على خلقه وعلى هذه المعاني جاء قوله: